للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صارم، وثبات وإخلاص. وإذا احتفلت الجبهة بتكريم حضرات أعضاء الوفود العربية، فإنّما هو تكريم من أولئك الملايين القاطنين بشمال أفريقية، فإنهم -وإن لم يكونوا حاضرين هذا الحفل بأجسامهم-، فهم حاضروه بقلوبهم المملوءة بإجلال هذه الوفود، وإخلاص الولاء لحضرة صاحب الجلالة مولانا الملك فاروق الأول - حفظه الله -.

سادتي!

لست في حاجة إلى أن أذكر ما كانت عليه الأمة العربية من السيادة والعزة، ولا إلى ما كان لها من فضل في نشر العلوم والفنون والحضارة النقية الطاهرة، فكل هذا معروف عند أصدقاء العرب وخصومهم على سواء.

والذي أريد أن أقوله في صدر هذه الكلمة: إن الأمة العربية تنزع إلى الاستقلال بطبيعتها، وبمقتضى ما حفظه لها التاريخ الصحيح من شرف راسخ، ومجد فائق، وما كانت تسكن تحت سلطان الأجنبي في حال، بل تدافعه بقدر ما تستطيع من قوة.

وشعوب شمال أفريقية هم أعضاء من هذه الأمة المعروفة بالبطولة وإباء الضيم، وإذا تغلبت عليهم الحكومة الفرنسية بعد حروب وإباء من الدخول تحت سلطانها، فإنهم مازالوا يعملون للتخلص من هذا الاحتلال، ويجاهدون ما استطاعوا في سبيل حريتهم الكاملة، وليس من المعقول أن يناموا عن الجهاد، والاحتلال الفرنسي يذيقهم أشد العذاب في كل صباح ومساء، ولا أستطيع أن أتحدث في هذا المقام عن تلك الحالة المنكرة بتفصيل، ولكني أقول: إن الاحتلال الفرنسي يقوم على أغراض لم نرهم في يوم من الأيَّام عدلوا عن شيء منها، أو خففوا ولو قليلاً من وطأتها.