اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، ولكنه أمر بها بعد الأمر بطاعة الله؛ للدلالة على وجوب طاعة الرسول فيما جاء به مما ليس في القرآن المجيد، وأكد هذا الأمر بإعادة حرف الجر مع حرف العطف، فقال:{وَلِلرَّسُولِ}، مع صحة أن يقال:"والرسول".
والأمر بالاستجابة لله وللرسول يقتضي أن يقال:(إذا دعواكم) مسنداً إلى ضمير الاثنين، وإنما أفرد الضمير، فقال:{إِذَا دَعَاكُمْ}؛ تنبيهاً على أن دعوة الرسول هي دعوة الله، فإسناد الدعوة إلى الرسول يغني عن إسنادها إلى الله، وإنما قلنا: إن الضمير في قوله: {دَعَاكُمْ} عائد إلى الرسول؛ لأن الرسول هو المباشر للدعوة، ولأنه أقرب مذكور في نظم الآية.
وهذه الآية إحدى الشواهد الناطقة بأن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد طرق التشريع، وأنه كالكتاب في العمل بما يتضمنه من الأوامر والنواهي. وقد ضل قوم السبيل، فزعموا أن التشريع مقصور على القرآن الكريم، واطرحوا الأحاديث، وأملت عليهم الزندقة حديث:"ما أتاكم عني، فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله، فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله، لم أقله". قال يحيى بن معين: هذا الحديث وضعته الزنادقة، وقد عارض بعض أهل العلم هذا الحديث المصنوع بيد الزندقة، فقالوا: نحن عرضنا هذا الحديث على كتاب الله، فوجدناه مخالفاً لكتاب الله؛ إذ وجدنا كتاب الله يأمر بطاعة الرسول، ويحذر من المخالفة عن أمره في كل حال.
وقوله تعالى:{لِمَا يُحْيِيكُمْ} يتعلق بقوله: {دَعَاكُمْ}، والمعنى: أجيبوا الله والرسول إذا دعاكم الرسول لما يحييكم الحياة الطيبة في دنياكم وآخرتكم، وهي الطاعات، ولا ريب أن امتثال أوامر الدين واجتناب نواهيه،