فقال:"هذا الدعاء يبشرنا بأن الله يجعل المؤمنين في مقام الذين أنعم عليهم سابقاً، ويعطيهم كل نعمة أعطاها للأولين، ويتمها عليها، والنعمة نعمتان: دينية ونهايتها النبوة، ودنيوية ونهايتها الحكومة والسلطة".
غاب هذا الداعية عن الصواب، وكانطلق يتحدث في غير علم، ومن ذا الذين يعرف شيئاً من العربية الصحيحة أو المعتلة، ويقرأ قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، ويفهم منها أن المناجي لله بهذه السورة يطلب أن يكون هو أو غيره من المؤمنين في مقام النبوة، والآية لا تدل على أكثر من أن المؤمن يدعو الله تعالى في جملة المؤمنين بأن يهديه طريق من أنعم عليهم. ومن استقام على واجبات الدين وسننه جهد استطاعته، فقد اهتدى طريق المنعم عليهم، ولا يلزم من اهتدائه لطريق المنعم عليهم من النبيين أن يرزق ما رزقوه من نعمة النبوة التي لا ينالها الناس بكثرة أعمالهم الصالحة؛ إذ النبوة مقام يختص به الله من يشاء من عباده.
وما قاله هذا الداعية في هذه الآية أصله لكبيرهم الذي علمهم اللعب واللغو في تفسير القرآن الحكيم؛ إذ قال في خطبته الإلهامية:"وأنا المنعم عليه الذي أشير إليه في الفاتحة عند ظهور الحزبين المذكورين"؛ يعني: المغضوب عليهم، والضالين، وقال:"إن سورة الفاتحة لتؤذن إيذاناً بأن بعض الأفراد من هذه الأمة سيظهرون بمظهر الأنبياء من كل الوجوه".
ومن نكد الدنيا أن نشتغل بحكاية أمثال هذا اللغو، وننفق وقتاً في التنبيه على أنه هذيان في هذيان.