أنبياء، ومن غير دلالة على أنهم سيكونون من المؤمنين، ولو قال في الجواب:"ينال عهدي المؤمنين" -مثلاً-، لم يكن فيه نص على أن الظالمين ليسوا بأهل للإمامة، فقوله تعالى:{لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة: ١٢٤] نص على أن الظالمين ليس بأهل للإمامة، ويؤخذ منه -على طريق دلالة المفهوم-: أن النبوة تنال المؤمنين من ذريته، وقد قامت الأدلة القاطعة على أن من لم يكونوا ظالمين قد يرفعهم الله تعالى إلى مقام النبوة، كما رفع إليه إسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ومحمداً - عليهم الصلاة والسلام -، وقد يبقى في منزلة دونها؛ ككثير من الصالحين الذي طهرهم الله تعالى من الظلم، ولم يدعوا النبوة في حال، فقول داعية القاديانية:"فهل يظن المشايخ أن ذرية إبراهيم كلها صارت ظالمة ... إلخ" ضرب في غير مفصل، ورمي الكلام في غير مرمى؛ فإن المشايح يقولون: إن الآية واردة للدلالة على أن النبوة تجعل في غير الظالمين، ويقولون مع هذا: الله أعلم أين يجعلها؟ ومتى يجعلها؟ وليس في الآية دليل على بقاء النبوة في سائر العصور، حتى في العصر الذي يستغنى فيه عن النبوة والرسالة بالكتاب الذي أودع الله تعالى فيه جلائل الهداية ودقائقها، وتكفل بحفظه وحمايته من أن يدخله تحريف، قال تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨].
ومن نفى عن أمة النبوة لعدم حاجتها إليها، ولقيام الأدلة على انقطاعها، لم يلزمه الحكم عليها بأنها كلها صارت ظالمة، ومن ألزمه هذا الحكم، فقد خرج عن أدب البحث، ومشى في غير طريق.