لو عاش إبراهيم، وصار نبياً، وكذا لو صار عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نبياً، لكان من أتباعه - عليه السلام -؛ كعيسى، والخضر، وإلياس - عليهم السلام -، فلا يناقض قوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: ٤٠]، إذ المعنى: أنه لا يأتي نبي بعده ينسخ ملته، ولم يكن من أمته.
فهذا التأويل، مع عدم الحاجة إليه في تحقيق معنى الآية، إنما ارتكبه الملا علي قاري ليدفع به ما يقال من أن حديث:"لو عاش إبراهيم" يقتضي أنه لو عاش، وصار نبياً، لزم أن لا يكون نبينا - عليه السلام - خاتم النبيين، ولا حاجة إلى هذا التأويل، فإن حديث عمر بن الخطاب حجة على انقطاع النبوة بعده - عليه الصلاة والسلام -.
وأما حديث:"لو عاش إبراهيم، لكان نبياً"، فقد أورده الداعية في شبهة، وقال:"فلو بقي إبراهيم عائشاً، ما كان ثمة مانع من صيرورته نبياً، لا آية:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، ولا أي حديث".
وهذه الشبهة مدفوعة بأن هذا الحديث قد أنكر وروده طائفة من أهل الحديث، كما أنكره ابن عبد البر في كتاب "التمهيد"، وقال الإمام النووي في "تهذيبه": "هذا الحديث باطل، وجسارة على الكلام بالمغيبات، ومجازفة وهجوم على عظيم". والأحاديث الموضوعة أو الضعيفة لا تقف في وجه الأدلة القطعية، ومن أراد أن يعقد بينها وبين القطعية وفاقاً، فليبق الأدلة القطعية بحالها، ويذهب في تأويل الضعيف أو الموضوع -على فرض ثبوته- ما شاء.