تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ... ووجهك وَضَّاح وثغرك باسمُ
تتبعت بيئاتُ الخلاعة والانحدارِ في اللذات الشعرَ الذي يبعد النفوس عن الرجولة، ويذهب بها في الانحلال حتى لا تكاد تتماسك، ولكن بيئات الشجاعة والحروب هي التي تصدر من الشعر ما كان جزل المعنى، آخذاً بالنفوس إلى الشهامة، والطموح إلى العزة، تجد هذه الروح حتى في الشعر الذي ينحو فيه قائله نحواً من الغزل؛ كما قال أبو العطاء السندي:
ذكرتك والخطيُّ يخطر بيننا ... وقد نهلت منا المثقفة السُّمْر
وصفوة هذا الحديث: أننا اليوم في نهضة اجتماعية، والنهضات الاجتماعية لا تقوم إلا على نفوس قوية، ولا قوة إلا بالشجاعة، واقتحام الشدائد، وعدم المبالاة بالأخطار، وذلك ما ندعو إلى أن يكون الروح المالئة لصدور شبابنا وكهولنا وشيوخنا، وقد عرفتم كيف كانت هذه الروح عنوان الشرف، ومرقاة السلامة والعزة، وقد قدر أهل العلم هذه الحكمة قدرها، وراعوها في كثير من الأحكام المستنبطة بالاجتهاد، وكانت فتاواهم في كل شأن يتصل بأمر الدفاع أساس الحياة الصحيحة، وأنه مصلحة يسقط بجانبها كل ما يجحف بها من مصالح الأشخاص والجماعات.