وذهب كثير من أهل العلم إلى أن الركوب أفضل، واستندوا في هذه الأفضلية إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجّ راكباً.
{يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}:
الفج: الطريق، والعميق: البعيد، والجملة وصف لكل ضامر. وجاء الضمير العائد على {كُلِّ} ضمير الجمع المؤنث إذ قيل: {يَأْتِينَ}؛ مراعاة للمعنى؛ لأن كل ضامر في معنى جماعة، أو جماعات من الضمر، ومراعاة لفظ (كل) يقتضي إفراد الضمير بأن يقال: كل ضامر يأتي من كل فج عميق، وكل من الطريقتين: مراعاة المعنى، ومراعاة اللفظ، يرد في الكلام البليغ، وتعدد الطرق في أداء المعنى الواحد من سماحة اللغة، واتساع مجالها أمام أرباب الفصاحة والبلاغة.
{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}:
هذا تلبية للغرض المقصود من إتيانه البيت الحرام رجالاً وركباناً، فقوله تعالى:{لِيَشْهَدُوا} يتعلق بقوله: {يَأْتُوكَ}، ويشهد: من الشهود بمعنى: الحضور، والمنافع: جمع منفعة، وهي ما يحصل للإنسان من خير. ودل على أن هذه المنافع عائدة إلى الحجاج خاصة بقوله:{لَهُمْ}، والمعنى: يأتوك ليحضروا؛: يدركوا منافع مختصة بهم. ووردت المنافع في الآية مطلقة، فتشمل المنافع الدينية والدنيوية.
أما الدينية، فمغفرة الله ورحمته ورضوانه التي يظفر الحاج بها عند أداء مناسك الحج؛ من نحو: الإحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ولا يريد بذلك إلا إجابة دعوة الحق.
وأما المنافع الدنيوية، فالتجارة، والقصد إليها - بعد القصد إلى أداء