إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد يدها"، وقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في رسالته المشهورة إلى أبي موسى الأشعري واليه على البصرة: "آسِ بين الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييئس ضعيف من عدلك".
هذا النظام الفطري الذي يقيم الحدود على الكبير والصغير سواء، لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، وحثَّ على استعمال الأصلح، واختيار الأمثل فالأمثل للولايات العامة والوظائف، وأوجبَ على ولي الأمر أن يقلد أعمال المسلمين لمن يجده صالحاً منهم؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -. "من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله، وخان رسوله، وخان المؤمنين".
وقد جاء كذلك عن عمر بن الخطاب: أنه قال: "من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين".
ومعنى هذا: أن النظام الذي يكفل المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات، ويجعل من الواجب على كل من ولي شيئاً من أمر المسلمين أن يوجه في موضع، وفي كل عمل من الأعمال أصلحَ من يقوم به، ويؤديه الأداء الصحيح، فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره بسبب قرابة، أو صداقة، أو موافقة في بلد أو مذهب أو طريقة، أو لرشوة يأخذها منه من مال أو منفعة، أو لضغينة في قلبه على الأحق، أو لعداوة بينهما، فقد