للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاجة من أحد مرؤوسيه، فلا يسعه إلا أن يجيب طلبه؛ خشية من أن يحرمه من حق، أو يجور عليه في قضية.

{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}:

عدى السؤال بـ (إلى) فقال: {إِلَى نِعَاجِهِ}؛ لتضمينه معنى فعل آخر هو الضم، والمعنى: ظلمك بسؤال نعجتك ضاماً لها إلى نعاجه، وأكد الجواب بالقسم الدال عليه اللام في قوله: {لَقَدْ}؛ اهتماماً بما تضمنه من الحكم على المدعى عليه بالظلم، أو أكده؛ لأن الخطاب -وإن كان موجهاً في الظاهر إلى المدعي، وهو يعلم أنه مظلوم- قد روعي فيه حال من هو المقصود بالخطاب، وهو المدعى عليه، وحاله يقتضي تأكيد الحكم عليه بالظلم؛ لأن سؤاله -وهو ذو قوة- لنعجة أخيه؛ ليضمها إلى نعاجه، شأن من ينكر أن يكون هذا ظلماً.

والظاهر أن المدعى عليه قد أقر بما قاله المدعي، ولم يذكر في الآية هذا الإقرار؛ إذ لم يكن فيه من عبرة يراد التنبيه لها في هذا المقام.

{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}:

الخلطاء: جمع خليط، وهو الصاحب، والمعنى: أن كثيراً من الأصحاب يعتدي بعضهم على بعض، وهذا تسلية للمظلوم بأن ما جرى عليه قد جرى ويجري على كثير من الناس.

{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}:

(ما) في قوله: {مَا هُمْ} وردت لتأكيد القلة المفهوم من قوله: {وَقَلِيلٌ}؛ أي: هم قليل جداً، وفي الآية زجر للمدعى عليه عن البغي؛ إذ أشارت إلى أن بغيه قد حرمه أن يكون في قبيل المؤمنين الصالحين.