للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أنهما رفعا قضيتهما إليه بقصد الوصول إلى الحق، لا كما يفعل كثير من المخاصمين إذ يقصدون من رفع القضايا أكل مال بالباطل، أو إعنات الخصم، وقهره في مجلس القضاء.

{إِنَّ هَذَا أَخِي}:

الأخوة تكون في النسب والدين والصحبة، والآية محتملة لكل واحدة منها، وفي ذكر خصمه بوصف الأخوة زيادة تشنيع عليه بالظلم؛ فإن الأخوة شأنها المنع من الظلم، فلا يعمد الأخ إلى ظلم أخيه إلا أن يكون ظلمه بالغاً.

{لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا}:

النعجة: الأنثى من الضان، و {أَكْفِلْنِيهَا}: اجعلني أكفلها، أو أجعلها كفلي؛ أي: نصيبي، والمعنى: مَلِّكنيها.

{وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}:

عزني: غلبني، والغلبة في الخطاب تظهر عندما يكون الصادر منه الخطاب ذا سلطان يخشاه المخاطب، ولولا هذا السلطان، لكان في إمكان صاحب النعجة الواحدة ألا يجيب سؤاله، ولا يحتاج إلى أن يشكوه إلى داود - عليه السلام -.

قال ابن العربي: كان ببلدنا أمير يقال له: سيري بن أبي بكر، فكلمته أن يسأل لي رجلاً حاجة، فقال لي: أما علمت أن طلب السلطان للحاجة غصب لها؟! فقلت: أما إذا كان "أي: السلطان" عدلاً، فلا.

ووجه ما قاله ابن العربي: أن السلطان العادل يستطيع الناس أن يردوا طلبه لبعض الحاجات، ولا يخشون بأسه، والرئيس الجائر هو الذي يطلب