الحق: ما يريه الله الرسول من طريق الوحي، أو من طريق النظر بنور الله، إذا قلنا: إن من الأحكام ما يقرره الرسول من طريق الاجتهاد، أو ما يريه الذين أوتوا العلم على طريق الاجتهاد الصحيح، وما عدا هذا، فهو الباطل، والحكم به كفر إن كان على اعتقاد أنه أصلح وأحكم مما قررته الشريعة، وظلم وفسوق إن كان جرياً مع الهوى، وإيثاراً لمتاع الحياة الدنيا على رضا الله.
{وَلَا تُشْطِطْ}:
الشطط في الأصل: البعد، ومعناه هنا: الجور؛ لما في الجور من البعد عن حدود العدل، وحذَّره من الجور بقوله:{وَلَا تُشْطِطْ} بعد أن طلب منه الحكم بالحق؛ ليحضر في ذهنه صورة الجور، فيذكر ما يترتب عليه من شرور؛ كما أحضر في ذهنه صورة الحق؛ ليذكر ما يترتب على إقامته من خيرات.
وفي الآية دليل على أن للخصوم أن يذكّروا القاضي بفضل العدل، ولو على وجه الأمر به، ويحذروه من الجور، ولو على وجه النهي عنه، وقد نص الفقهاء على أن قول بعض الخصوم للقاضي: اتق الله، لا يعد جفاء يستحق عليه التأديب.
{وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}:
الهداية: إراءة الطريق، وسواء الشيء: وسطه، والصراط: الطريق الواضح، والمعنى: أرشدنا إلى وسط طريق الحق، وهو قصد السبيل، والماشي في وسط الطريق أبعدُ عن الانحراف عنه من الماشي في طرفه.
وفي هذه الجملة تأكيد لما دل عليه قوله:{فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ}