للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال هشام لمسلمة: يا أبا سعيد! هل دخلك ذعر قط لحرب أو عدو؟ قال: ما سلمت في ذلك من ذعر ينبه على حيلة، ولم يغشني فيها ذعر سلبني رأيي. قال هشام: هذه البسالة!.

ولما رأى الخصمان منه أثر الفزع، افتتحا خطابهما بما يزيل عنه الفزع، وذلك قوله تعالى:

{قَالُوا لَا تَخَفْ}:

وظاهر الآية: أن هذا القول صادر من الخصمين؛ إذ جاء مسنداً إلى ضمير الجماعة، ولعله صدر من المدعي، ولما كان المدعى عليه موافقاً على ذلك، نسب إليهما، ونسبة الفعل إلى جماعة يكون الفعل قد صدر من بعضهم، والآخرون راضون به، كثير في الكلام العربي.

{خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}:

البغي: الظلم، وخصمان: خبر لمبتدأ محذوف هو ضمير المتكلم، التقدير: نحن خصمان ظلم بعضنا بعضاً، وما جرى في الآية من التعبير بضمير المتكلم في قوله: {بَعْضُنَا} أحد أسلوبين في العربية، ثانيهما: أن يعبر في مثل هذا المقام بضمير الغائب. فيقال: نحن خصمان بغى بعضهما على بعض؛ كما تقول: نحن رجال نكرم الجار، أو يكرمون الجار.

وفي قولى: {بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} إشعار بأن قضيتهما وقع فيها بغي لا محالة، وذلك مما يقيم لهما العذر في المسارعة إلى رفعها إليه، ولو بتسور المحراب، ومن دواعي المسارعة إلى رفع القضية: خشية ما قد يعرض من نحو غَيبة الشاهد، أو المدعى عليه.