للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض خير لها من ظهرها.

تلك الحكومة التونسية -وهي تحت نفوذ دولة غير إسلامية- قد أدركت كفاية المتخرجين في المعهد الزيتوني للقيام بالقضاء، وإدارة شؤون الدولة، فلم تستطع أن تحرمهم من مناصب القضاء، والعمل بدوائر الحكومة، فتجد المتخرج في المعهد الزيتوني أستاذاً في مدارس الحكومة، وقاضياً بالمحاكم الأهلية، بلهَ المحاكم الشرعية، وتجده في دوائر الأوقاف والمالية والحقانية، بل تجد للزيتونيين مكاتب في الرياسة العامة، والفرنسيون أنفسهم يشهدون لهؤلاء الزيتونيين بالكفاية والبراعة في تطبيق النظم والقوانين، ولن تبلى مصر -إن شاء الله- برجال دولة يكونون أقسى قلوباً على أبناء المعاهد الدينية من الحكومة الفرنسية.

وإذا شوهد في بعض المتخرجين في هذه المعاهد قصور في التعليم أو الإدارة، فهو بمقدار ما يقع فيه إخوانهم من المتخرجين في المدارس الأخرى، وإذا صح أن يكون هذا القصور ظاهراً فيهم أكثر مما يظهر في غيرهم، فإنما هو أثر التعليم الذي ننادي بإصلاحه وتنظيمه. ومتى صلح التعليم، وتهذبت طرقه، أخرجت هذه المعاهد رجالاً يجمعون إلى طهارة الذمم والاستقامة على الطريقة ثقافة صافية، وعملاً ناصحاً.

وإذا كانت معرفة العلوم الإِسلامية في نظر الكاتب ذنباً أو عيباً يستحق به صاحبه أن ينفى من دوائر الحكومة ومدارسها ومحاكمها، فذلك رأي قد يوافقه عليه قوم لا يشعرون، وآخرون لا يهتدون، أما من لهم السلطان على هذه المعاهد، فلم يزالوا بنعمة الله يشعرون ويهتدون، وأخالهم حين يمرون بمقال هذا الكاتب لا يمرون به إلا كراماً، كما أنه لا يلقى من طلاب