مرشدين إلى الآداب الفاضلة، ودعاة إلى الدين الحنيف.
وإذا كانت علوم اللغة العربية وآدابها تدرس في هذه المعاهد بإتقان، وكانت علوم الفلسفة والمنطق والتربية والتاريخ تدرس ببسط، وعلى أسلوب قويم، فما الذي يمنع المتخرجين في هذه المعاهد من أن يكونوا أساتذة لهذه العلوم في مدارس الحكومة؟.
وإذا كانت أصول الشريعة وأحكامها تدرس على مناهج تمكن الإخصائي فيها من أن يفصل في القضايا على سنة العدل والمساواة، فما الذي يمنعهم من أن يتقلدوا منصب القضاء، ويجلسوا للحكم بين الناس؟ وإذا بنى الكاتب مقاله على فرض إلغاء المحاكم الشرعية من القطر المصري، فقد بنى خيالاً على خيال؛ إذ لا يقدم على هذا العمل إلا الجاهل بنفسيات الشعوب يوم تشعر بحقوقها، وتطمح إلى أن تتمتع بحريتها، ولا حرية للشعوب الإِسلامية إلا أن تساس بأحكام شريعتها.
نفهم جيدًا كيف لا يكون المتخرج في المعاهد الدينية مهندساً أو طبيباً، ونفهم جيداً كيف لا يكون المتخرج في المعاهد الدينية إذا لم يكن ملماً بلغة أجنبية وزيراً أو سفيراً، ولكنا لا نستطيع أن نفهم كيف لا يكون قاضياً في المحاكم، ولا نفهم كيف لا يكون أستاذاً للغة العربية في مدارس الحكومة، ولا نفهم كيف لا يطمع إلى التسلط على جانب من منصب الدولة.
ألا إن الحكومة الرشيدة هي التي تدخل في مدارسها ومحاكمها ودوائرها من الطائفة التي أشربت روح الدين الخالص فريقاً يكونون وقاية لها من أن يسري فيها وباء الإباحية والزيغ فيهلكها، وما فشت الإباحية والزيغ في أمة إلا ذهبت قوتها المعنوية، وإذا لم يكن لها مع هذا قوة مادية كافية، فبطن