الذي يذهب جفاء، وليعنَ الأزهر أشد العناية بما ينفع الناس ويمكث في الأرض، وهو: تفقيه المسلمين في دين الله، ودعوة غير المسلمين إلى دين الله.
هكذا يكتب الدكتور طه حسين في إصلاح المعاهد الدينية، ولولا الحذر من أن يكون لمثل هذا المقال أثر في بعض النفوس الغافلة، لضربنا عنه صفحًا، وتركناه يذهب كما يذهب الزبد جفاء، أو كما يذهب الهشيم الذي تذروه الرياح.
الغاية من هذا المقال ماثلة أمام قرائه، وهو مصنوع على شكلة ما يكتبونه حين يقصدون إلى إيهام السذج أن الإِسلام دين لا صلة له بالقضاء، ولا بشؤون الدولة، ولطالما كتب أهل العلم في تقويمهم، وأروهم أن في الإِسلام أصولاً قضائية، ونظماً اجتماعية، فأصروا واستكبروا استكباراً.
لنترك حوارهم في هذا الشأن؛ فإن المسلمين بحق يقرؤون كتاب الله، أو يستمعون إلى من يقرؤوه، فيشهدون أن الإِسلام أتى بأصول تسلك في شؤون الجماعة، وتتغلغل في أحشاء الدولة، وأنه أسمى من أن يرضى لعلمائه البعد عن مناصب الحكم، والنظر في إدارة شؤون الأمة.
الغرض من المعاهد الدينية: درس العلوم الإِسلامية، والعلوم العربية، وما يتصل بها من نحو: المنطق والفلسفة والتاريخ، ثم ما تدعو إليه الحاجة من العلوم والفنون الأخرى بمقدار، وإذا سارت دراسة هذه العلوم على طريقة منتظمة، وأسلوب موزون، كان في وسع هذه المعاهد أن تخرج لنا رجالاً للقضاء، وأساتذة للغة العربية وآدابها، وكان في وسعها أن تخرج لنا رجالاً يقومون بجانب من إدارة شؤون الأمة، كما يكون في وسعها أن تخرج للناس