كذلك، وألحق بهما من أقوال المحدثين في الأدوية النباتية والمعدنية والحيوانية ما لم يذكراه.
ولم يأخذ ابن البيطار فيما ينقله عن هؤلاء طريقة المتابعة المحضة، بل كان يتحرى طريقة النقد، فقال:"وما كان مخالفاً -في القوى والكيفية والمشاهدة الحسية في المنفعة والماهية- للصواب والتحقيق، أو أن ناقله أو قائله عدل فيه عن سواء الطريق، نبذته ظِهريّاً، وهجرتُهُ مليّاً، وقلت لناقله أو قائله: لقد جئت شيئاً فرياً، ولم أحابِ في ذلك قديماً لسبقه، ولا محدثاً اعتمد غيري على صدقه" ونبه في صدر الكتاب على أغراضه، وجعل من هذه الأغراض: التنبيه على كل دواء وقع فيه وهم أو غلط لمتقدم أو متأخر؛ لاعتماد أكثرهم على الصحف والنقل، واعتماد على التجربة والمشاهدة.
وقد دل ابن البيطار في هذه الجمل على مبدأ لا يترقى علم الطب إلا به، وهو نقد الأقوال، وعدم تلقيها بالتسليم إلا أن تكون مصحوبة بدليل من نحو التجربة والمشاهدة. وقدّر الغربيون هذا الكتاب قدره، وأذكر أن الدكتور (لوكير) نقله من العربية إلى اللسان الفرنسي، وطبعت الترجمة بباريس.