يصيبون، ولولا مظاهر يأخذون بها أعين الغافلين من الناس، لذهبت مساعيهم كالنقش على الماء عبثاً.
عرف هؤلاء النبهاء منشأ هذه الدعاية، وعرفوا الأيدي التي تشد أزرها، وتنفق عليها بسخاء، وعرفوا أنها تقوم على بهرج من القول، فلم يروا من الصعب عليهم أن يقعدوا لها كل مرصد، ويطاردوها بما استطاعوا من قوة، وما القوة إلا الرمي بالحجة والموعظة، فقاموا يؤلفون الجمعيات، وينشئون الصحف، ويفتحون النوادي، وقد ظهر لهذه المساعي النبيلة -بحمد الله- أثر عظيم.
وعلى هذا النحو تنهض جماعة من أهل العلم إلى إنشاء جمعية إسلامية علمية أدبية فأنشؤوها، ولقبوها:"الهداية الإسلامية".
فالغرض الأسمى لهذه الجمعية: حماية أبناء المسلمين وإنقاذهم من حفرة تلك الدعاية الغاوية.
فشأن هذه الجمعية أن تعرض حقائق الدين الحنيف، وحكمة تشريعه في صورها الخالصة النقية، وشأنها أن تبحث في تاريخ رجال الإِسلام من العرب وغير العرب، تنبه على ما كان لهم من عبقرية في العلم، أو فضل في البيان، أو شرف في الأخلاق، أو رشد في السياسة.
ولا تضل أمة وقفت على حكمة شريعتها، ودرست تاريخ الأعلام من رجالها.
قال محمد بن إسحاق المعروف بأبي العباس: أدركت شيوخ الحي وهم يحضروننا ناديهم ونحن صبيان نسمع ما يتذاكرونه، وكانوا يفتتحون الكلام ويختتمونه بإنشاد هذا البيت:
قد يعلم الناس أنا من خيارهم ... في الدين ديناً وفي أحسابهم حسبا