تعمل هذه الجمعية على إصلاح الأخلاق، ولا سيما خلق كالمداجاة والملق يكون لها في ظهور الباطل على الحق أثر شديد، وقد علَّمنا التاريخ والمشاهدة أن لا خير في نفوس تلقي بمودتها وتملقها إلى من يقطعون سبيل الرشد ويبغونها عوجاً، ويعجبني قول الشاعر الحماسي:
ولست وإن قربت يوماً ببائع ... خلاقي ولا ديني ابتغاء التحبُّبِ
تحرص هذه الجمعية على أن ترى في العالم الإِسلامي رجالاً بارزين تسمو هممهم، ويجدُّ جدُّهم حتى يتركوا في الدنيا دوياً يمثل قول ابن الحسين:
وتركك في الدنيا دوياً كأنما ... تداولَ سمعَ المرء أنمله العشر
دويٌّ، ولكنه يتفجر من نفوسٍ طينتها الإخلاص، وغذاؤها أشار الشرف الخالد على زهرة هذه الحياة، دويّ، ولكن يتموج فيه صوت الحق، فلا يسع الباطل إلا أن يخر له صعقاً زاهقاً.
ومن علل الضعف الذي دخل في الإِسلام: تلكم الاختلافات التي كان مبدؤها اختلافاً في الرأي، ثم صار إلى اختلاف في القلوب، وإذا اختلفت القلوب، فلا شيء سوى التخاذل والتنازع، وإذا تخاذلت الأمة وتنازعت، فإنما هو الفشل، وإنما هي الدائرة التي يتربصها خصومها ليقضوا من سيطرتهم عليها وطراً.
ولهذا أزمعت جمعية الهداية أن تعمل على رفع التجافي بين الفرق الإِسلامية، ولعلها تستطيع يتأبيد الله، وبوسيلة مجلتها الضاربة في الشرق يميناً وشمالاً، أن تضع مكان التجافي ألفة وسلاماً، وإذا عزَّ على زعماء هذه الفرق الوصول إلى تقليل مواقع الاختلاف في الآراء، فلا يعز عليهم أن يخففوا وقعه