فنهضوا يخطبون ويكتبون في بيان حقائق الدين الإِسلامي، ويقيمون الحجة على صدق لهجته، ويديع حكمته، وعلى هذا المبدأ المقدس تألفت جمعية الهداية الإِسلامية.
تألفت هذه الجمعية في شهر رجب سنة ١٣٤٦، وافتتحت عملها بإلقاء المحاضرات في المساجد والنوادي، ثم عزمت على إصدار مجلة ينشر فيها ما يلقيه حضرات أعضائها من الخطب والمحاضرات، وما تجود به أقلامهم من الرسائل والمقالات، وقرنت عزمها بالعمل، وقرن الله عملها بالتوفيق والنجاح، فأصدرتها في غرة جمادى الثانية سنة ١٣٤٧، وما زالت تصدر بانتظام وهي تغالب الأزمات، ولا تهاب ما يقف في وجهها من العقبات.
وما زالت الجمعية تجاهد بمحاضراتها نحواً من ست سنين، وبمجلتها نحواً من خمس سنين، فقطعت في تحقيق أغراضها النبيلة مراحل بعيدة المدى.
ولنذكر لحضراتكم أمثلة من نزعات الطوائف التي حاربتها الجمعية في قوة وحكمة:
وجدت الجمعية رهطاً نشؤوا في عماية، وتخبطوا في سفاهة، فزعموا أن سبب سقوط الأمة الإِسلامية من مكانتها تمسكُها بدينها، ووقوفها عند حدود شريعتها، حتى قالوا: إن سبب فقدها لسلطانها الغالب ربطُها للسياسة بالدين.
وقد أرتهم الجمعية أنهم قد قلبوا الحقيقة رأساً على عقب، وكانت تذكرهم بالتاريخ الصادق، وتعرض عليهم أحوال الشعوب المختلفة في العصور، فتناديهم بأن قوة الدولة وعزتها على مقدار إقامتها للشريعة السمحة،