على أثر ما أذيع خاصاً بأن اللجنة التي أُلفت لتوحيد الزي: أنها قد رأت استبعاد الطربوش كغطاء للرأس، والاستعاضة عنه بغطاء عملي مناسب؛ كالبيريه، أو القبعة، على أن يشمل توحيد الزي جميع المصريين، عدا هيئة كبار العلماء، والعلماء المشتغلين بالتدريس، توجه مندوب "الأهرام" إلى فضيلة الأستاذ الأكبر، وسأله رأيه في هذا الزي المقترح، فأفضى إليه فضيلته بهذا التصريح الهام:
إنني علمت أنه قد اقترح أن يكون الزي الموحد هو الزي الأوربي؛ لأنه أصبح زياً عالمياً، ولأنه من الناحية العملية أكثر ملاءمة لهيئات العمال والفلاحين، وهذا الزي يتألف من بنطلون وقميص بأثمان مناسبة.
وإنني أصرح بأن القبعة والبيريه ليستا زياً عالمياً، وأن مئات كثيرة من الملايين في آفاق لا حد لها من قارات الأرض لم تتخذ هذا الزي، ولذلك لم يبلغ أن يكون زياً عالمياً، ثم إنه ليس من الحتم على أية أمة أن تجاري الشكليات، حتى لو كانت عالمية، قبل أن تقتنع بأن ذلك أصلح لها.
والأصلح لجو كل أمة هو ما دلتها عليه تجارب ألوف السنين، وإذا استوحى المصلحون من هذه التجارب الطويلة ما يكون به توحيد الزي، فانهم يصيبون بذلك الغرض من التوحيد والإفادة من تجارب الزمن.
وإن مصر على الخصوص عضو ممتاز ومرموق في العالم الإسلامي الذي زاد تعداده في هذه السنوات على خمس مئة مليون، ومن غير المنتظر أبداً أن يرضى العالم الإسلامي بأن يفني شخصيته في غيره، ويندمج في الزي الأجنبي عنه المزعوم أنه عالمي، لاسيما وأن في سنن الإسلام الجوهرية التي لا يمكن أن يتساهل فيها المسلمون -إلا بانحرافهم عن دينهم- أن يكونوا