المدرسة في حياطة هذه العقيدة، والقيام على أمانات الله فيها.
وإذا كان سوء الأخلاق -الذي هو علة اختلال النظام- ينشأ من زيغ العقيدة تارة، ومن طغيان الشهوات تارة أخرى، فإن الإسلام دين ينير العقول بالحجة، ويهذب النفوس بالحكمة، وكم أخرجت مدارسه، ومجالس القوَّامين على هدايته من رجال يلاقون الأسود فيصرعونها، ويخفضون أجنحتهم تواضعاً للمستضعفين! وإن سماحة الدين، وما له من الأثر الخطير في إعداد أمة روحها البطولة، وزينتها التقوى، وغايتها السيادة، من أشد ما يبعث أولي الأمر منا على أن يضعوا علوم الدين بالمكانة العليا، والتربية على آدابه وفضائله؛ بالإشراف، والمراقبة، والتدريب، والقدوة، في مقدمة ما يطلب من مدرسة العهد أن تحققه من أجل هذا الوطن.
إن هذه الأمة مسلمة، والأمة المسلمة لا ترضى إلا أن يكون أبناؤها مطمئنين بحجج الدين الحنيف، سائرين في ضوء حكمته الغراء، مسترشدين بسيرة عظماء السلف، وينشدون فيها مثلهم العليا. وإذا وجد في الناس من لا يؤلمه أن يكون ولده في ظلام من الغي، فأمثال هؤلاء -على قلتهم- استهواهم زخرف الحياة غروراً، وما كان للحكومة الرشيدة إلا أن تقيم سياستها على رعاية ما فيه خير النشء، ويكون قسط تلك الطائفة في هذه السياسة تقويم عوجهم. وإذا أهملت بلاد تربية أبنائها على الدين، باض الإلحاد وأفرخ في أدمغتهم يوم تكون في أيديهم أزمتها، ويا شقاء أمة يتولاها من لا يخاف الله، ولا يتوخى مرضاته.