في اللغة العربية على الاهتمام بشأنه، وربما كانت اللغة الأخرى لا تدل بالتقديم على هذا المعنى، فيحتاج المترجم في الدلالة على معنى الاهتمام الذي يشير إليه اللفظ العربي بالتقديم إلى عبارة أخرى بعد العبارة التي ينقل بها أصل المعنى، وإذا كان التنكير يدلّ في اللغة العربية على التعظيم أو التحقير، ولم يعتد أهل اللغة الأجنبية أن يدلّوا به على هذا المعنى، فإن المترجم يقتصر في ترجمة الاسم النكرة على مدلوله اللغوي، ويفوته معنى التعظيم أو التحقير الذي يعدُّ من مقاصد المتكلم العربي، ويدخل فيما يورث الجملة العربية رفعة، وإذا زاد المترجم كلمة ترادف معنى عظيم أو حقير، ذهب رونق البلاغة الذي هو حلية اللفظ العربي؛ لأن لأخذ هذا المعنى من التنكير وقعاً في نفس السامع غيرَ الوقع الذي يكون له عندما ينطق المتكلم بلفظه الصريح.
وعلى فرض أنه يوجد لسان أجنبي يستقل بأداء ما في كلام العرب من لطائف المعاني، فلا يثق أحد بأنه وصل إلى كل ما في الآية من المعاني التي يرتفع بها شأن الكلام، حتى يصح له ادعاء أنه عبّر باللغة الأجنبية عن كل ما أريد من الآية، وأن نقله لها إلى تلك اللغة ترجمة طبق الأصل.
والذي يمكن نقله إلى لغة أخرى إنما هو معانيه الأصلية؛ حيث لا تقصر اللغات الأجنبية عن تأديتها.
قال أبو إسحق الشاطبي في كتاب "الموافقات": "إن ترجمة القرآن على الوجه الأول -يعني: النظر إلى معانية الأصلية- ممكن، ومن جهته صح تفسير القرآن، وبيان معانيه للعامة، ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معانيه، وكان ذلك جائزاً باتفاق أهل الإسلام، فصار هذا الاتفاق حجَّة في