الحق والخير بأنها "غثاء كغثاء السيل"، وقال الله -عَزَّ وَجَلَّ- في سورة البقرة:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. [البقرة: ٢٤٩].
فجعل فضيلة الصبر على إقامة الحق من أسباب الغلبة والنصر، ولو كان القائمون بالحق الصابرون عليه قليلاً عددهم عند مواجهتهم الكثرة من أنصار الباطل، وبهذا ربى الإسلام من أبنائه الأولين كتلة حازمة لا تهاب الموت في سبيل عزتها والدفاع عن حقها، فعاش المسلمون الأولون سادة قادة ذادة، يحميهم الحق ويحمونه، وتجملهم فضائل الخلاق ويجملونها، ويملؤون الدنيا عدلاً ورحمة، وتحوطهم الدنيا بالعزة والغبطة والإعجاب.
ولما فشلت كثرة الباطل في قمع الحق الذي بعث به صاحب هذه الذكرى - صلوات الله عليه -، أراد المبطلون في زمن البطن الأول من أصحابه أن يفسدوا دعوة الحق؛ بالانتساب إليها، ودس العقائد الباطلة فيها، فأفشوا في بعض الضعفاء دعوة تأليه علي- عليه السلام -، وبعض من ينتمي إلى آل البيت، فكان أول من غضب لهذه الدعوة، وبطش بالمبطلين من أصحابها، علي -كرم الله وجهه-، ومن ذلك اليوم انفتحت جبهة أخرى للدفاع عن الحق الذي بعث الله به رسوله؛ بقيام طائفة من أئمة الإسلام في كل زمان ومكان يفرقون بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، والصدق والكذب، وطريق أولياء الله السعداء وأعداءالله الأشقياء، وبهم حفظ الله دينه الذي وعد بحفظه إلى يوم الدين.
إن ذكرى مولد صاحب هذا الانقلاب الإنساني العظيم، تذكرنا بكل ماكان لهذه الدعوة من أثرعظيم في عقول البشر وأخلاقهم ومداركهم، وبالنجاح المنقطع النظير بمن عملوا بها في أنفسهم، وتطوعوا لنشرها بين الناس، وهي