فإذا كان أهل الديانات الأخرى يبكون من اضطهاد الشيوعيين لهم في كنائسهم، والسيطرة على عباداتهم، فإن المسلمين يزيدون على ذلك: أن دينهم لا يقتصر على أنه دين عبادة ومسجد، بل إن نظامه المالي والاجتماعي هو من صميم الدين، وحرمان المسلم من حريته في نظامه المالي والاجتماعي يعد حرماناً له من عناصر مهمة هي أيضاً من كيان الدين، وهي خير لكل مسلم من أي نظام آخر، ولاسيما النظام الشيوعي الذي يضطهد كل الأنظمة المخالفة له، ونظام الإسلام في طليعة الأنظمة المخالفة له من كل وجه.
وإن الإسلام في اعتداله وكونه من الأصل لم تشرع أحكامه لمصلحة أي طائفة من الطوائف دون غيرها، ولا أي طبقة من الطبقات دون غيرها، بل إن الله شرعها لجميع بني الإنسان؛ بتعديل طبائعهم، وتهذيب فطرتهم بعد إقرارها والاعتراف بها، وبذلك جمع التشريع الإسلامي في نظامه الاجتماعي والمالي جميع الحسنات والمزايا التي توجد في كل نظام آخر، وجرده من جميع العيوب التي توجد في أي نظام آخر.
وكان من أعظم ما أسيء به إلى الإسلام: إطلاق يد الأقوياء في معايش الضعفاء، حتى تجاوزوا حدود الاعتدال الإسلامي في التملك والتسلط والأثرة، بل لم يكتفوا بتجاوز حدود الاعتدال، حتى خرجوا عن نظام الإسلام إلى ما حرمه من الاستغلال المحرم، والبغي المنظم من الأقوياء على الضعفاء، فانتهز دعاة الشيوعية والمذاهب الباطلة هذه الحالة الشاذة، التي كانت سائدة في بعض بلاد المسلمين، فاحتجوا بها عند قليلي العلم بمزايا دينهم من عوام المسلمين، أو المتعلمين تعليماً أجنبياً، ومن هنا أصيب بعض أبناء هذه الملة بهذه النزعات التي انزلقت بها أقدامهم عن طريق الإسلام، فامتلأت بهم