المدنيين العزل من السلاح كما يفعل الجبناء، وتأخذ لأصحابها -من المسلمين الآمنين في تونس والجزائر ومراكش- الثأر الذي عجزوا عنه في شرق فرنسا لما وطأت أرضهم سنابك خيول الألمان في بداية الحرب العالمية الثانية.
يقول نبي الرحمة - صلوات الله وسلامه عليه - فيما روى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله"؛ أي: لا يظلمه إذا كان في ولايته وتحت سلطانه، ولا يخذله إذا مسه الظلم من عدوله يبغي عليه.
نحن -المسلمين العاملين بقواعد الإسلام-، وهو دين السلام - قد فتحنا أبوابنا، ووطأنا رحابنا للفرنسيين وغير الفرنسيين من أمم الأرض، فأقاموا بيننا مرافقهم ومدارسهم، وقصدوا أسواقنا بمصنوعاتهم ومنتجاتهم، ولقوا من حسن معاملتنا ورحابة صدورنا وسلامة قلوبنا ما لم يروه في أي بلد آخر. كل ذلك على أمل منا بأن يحسنوا معاملة كل من له علاقة بهم من إخواننا في الدين، وأن يقوموا لهم بحقوق الإنسان على أخيه الإنسان، وأن يحترموا حريتهم، ويحافظوا على كرامتهم.
وإننا لا نزال على أخلاقنا وآداب ديننا مع جميع الأمم، ومن ينكر علينا، أو على طائفة من إخواننا في الدين ما يجب عليه أن يرعاه من حقوقهم الإنسانية والوطنية والملية، فإن أقل ما يجب على المسلمين حينئذ ألا يتعاونوا مع أهل البغي في تجارتهم وصناعتهم ومرافقهم، وأن يكون أول ما يفعلونه: مقاطعة مدارسهم ومعاهدهم، وكل وسائل التعاون معهم، وأساليب الاتصال بهم.
والولاية في الإسلام هي: النصرة والتعاون، والاتصال من أوثق مظاهر الولاية، والله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول في كتابه العزيز:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: ٥١]،