فقد استندت إلى ما رواه البخاري في "صحيحه"، وأخرجه أحمد في "مسنده"، والنسائي في "سننه"، والترمذي في "جامعه".
قال البخاري: حدثنا عثمان بن الهيثم، قال: حدثنا عوف عن الحسن البصري، عن أبي بكرة، قال: لقد نفعني الله بكلمتين أيام الجمل: لما بلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن فارس ملَّكت ابنةَ كسرى، قال:"لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة"، وقد ذهبت اللجنة في استنتاج المراد من هذا الحديث، وفي استنباط دلالته العامة مذهب صدق، فقالت: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يقصد بهذا الحديث مجرد الإخبار عن عدم فلاح القوم الذي يولون المرأة أمرهم؛ لأن وظيفته - عليه الصلاة والسلام - بيان ما يجوز لأمته أن تفعله حتى تصل إلى الخير والفلاح، وما لا يجوز لها أن تفعله حتى تسلم من الشر والخسار، وإنما يقصد: نهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناد شيء من الأمور العامة إلى المرأة، وقد ساق ذلك بأسلوب من شأنه أن يبعث القوم الحريصين على فلاحهم وانتظام شملهم على الامتثال، وهو أسلوب القطع بأن عدم الفلاح ملازم لتولية المرأة أمراً من أمورهم.
ولا شك أن النهي المستفاد من الحديث يمنع كل امرأة في أي عصر من العصور أن تتولى أي شيء من الولايات العامة، وهذا العموم تفيده صيغة الحديث وأسلوبه، كما يفيده المعنى الذي من أجله كان هذا المنع.
وهذا هو ما فهمه أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وجميع أئمة السلف، لم يستثنوا من ذلك امرأة ولا قوماً، ولا شأناً من الشؤون العامة، فهم جميعاً يستدلون بهذا الحديث على حرمة تولي المرأة الإمامة الكبرى، والقضاء، وقيادة الجيوش، وما إليها من سائر الولايات العامة.