هذا الحكم المستفاد من هذا الحديث -وهو منع المرأة من الولايات العامة- ليس حكماً تعبدياً يقصد مجرد امتثاله دون أن تعلم حكمته، وإنما هو من الأحكام المعللة بمعان واعتبارات لا يجهلها الواقفون على الفروق الطبيعية بين نوعي الإنسان:(الرجل والمرأة)، ذلك أن هذا الحكم لم ينط بشيء من وراء (الأنوثة) التي جاءت كلمة (امرأة) في الحديث عنواناً لها، وإذاً، فالأنوثة وحدها هي العلة فيه.
وواضح أن الأنوثة ليس من مقتضاها الطبيعي عدم العلم والمعرفة، ولا عدم الذكاء والفطنة؛ حتى يكون شيء من ذلك هو العلة؛ لأن الواقع يدل على أن للمرأة علماً وقدرة على أن تعلم كالرجل، وعلى أن لها ذكاء وفطنة كالرجل، بل قد تفوق الرجل في العلم والذكاء والفهم، فلا بد أن يكون الموجب لهذا الحكم شيئاً وراء ذلك كله.
إن المرأة بمقتضى الخلق والتكوين مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت لأجلها، وهي مهمة الأمومة، وحضانة النشء وتربيته، وهذه قد جعلتها ذات تأثير خاص بدواعي العاطفة، وهي -مع هذا- تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قدرتها المعنوية، وتوهن من عزيمتها في تكوين الرأي، والتمسك به، والقدرة على الكفاح، والمقاومة في سبيله، وهذا شأن لا تنكره المرأة من نفسها.
ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أن شدة الانفعال، والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها.
فقد دفعت هذه الغرائز المرأة في أسمى بيئة نسوية إلى تغليب العاطفة على مقتضى العقل والحكمة.