بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: قد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكره الله، فغفر له"، فقالوا: يا رسول الله! وإن لنا من البهائم أجراً؟ فقال: "في كل ذات كبد رطبة أجر".
وفي "صحيحي البخاري ومسلم"، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "عُذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض".
وقرر الفقهاء وجوب القيام على سقي الدابة وإطعامها، وصرحت طائفة منهم بأن القضاء الإسلامي يجبره على ذلك إذا قصر فيه، فإن لم يقم للدابة بما يجب عليه من حسن تغذيتها وسقيها، باعها ولي الأمر، ولم يتركها تحت يده تقاسي.
وفي "سنن أيي داود": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة -أي: التي لا تقدر على النطق-، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة".
وبلغ من تأثر الصحابة والمسلمين الأولين بهذا الأدب في الرفق بالحيوان أن كان عدي بن حاتم يفت الخبز للنمل، ويقول: إنهن جارات، ولهن حق، روى ذلك النووي في "تهذيب الأسماء".
وبلغ من أدب إمام الشافعية أبي إسحاق الشيرازي في الرفق بالحيوان: أنه كان يمشي في طريق يرافقه فيه بعض أصحابه، فعرض لهما كلب، فزجره رفيق الإمام أبي إسحاق، فنهاه الإمام وقال: أما علمت أن الطريق بيني وبينه مشترك؟!.