إن الدعاة لتلك الأنظمة قرروا في مؤلفاتهم، وأعلنوا في صحفهم: أنها كل لا يتجزأ، وهم يدعون هذه الأمة إلى أن تأخذ بهذا الكل الذي لا يتجزأ، شاءت أو أبت، والأمة لها نظام فطري نظيف ينظر إلى الحق من حيث هو حق، وإلى الخير من حيث هو خير، وتدين لله بقول خاتم رسله:"أيها الناس! إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف، تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم، أقاموا عليه الحد، وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، قطع محمد يدها"، وقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في رسالته المشهورة إلى أبي موسى الأشعري واليه على البصرة:"آس الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييئس ضعيف من عدلك".
هذا النظام الفطري الذي يقيم الحدود على الكبير والصغير سواء، لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، وحث على استعمال الأصلح، واختيار الأمثل فالأمثل للولايات العامة والوظائف، وأوجب على ولي الأمر أن يقلد أعمال المسلمين لمن يجده صالحاً منهم؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، خان الله ورسوله". وفي رواية أخرى لهذا الحديث:"من قلد رجلاً على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله، وخان رسوله، وخان المؤمنين".
وقد جاء كذلك عن عمر بن الخطاب: أنه قال: "من ولي من أمر المسلمين شيئاً، وولَّى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين"، ومعنى هذا: أن النظام الذي يكفل المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات، ويجعل من الواجب على كل من ولي شيئاً من أمر المسلمين أن