في النقل وجوه من الفساد تقتضي المنع منه، وفي النقل مصلحة تستدعي الإذن فيه، وها نحن أولاً نذكر لك وجوه الفساد، ونكشف عن وجه المصلحة، ونعرض عليك آراء أهل العلم، ونرجو أن يكون نقل ما يمكن نقله من المعاني الأصلية على وجه التفسير غير محظور.
* وجوه الفساد في ترجمته:
الترجمة نوعان:
أحدهما: أن يعمد المترجم إلى كل كلمة عربية، ويضع بدلها ما يرادفها من اللسان غير العربي، ثم يسوق الجملة مراعياً ترتيبها على قدر ما تسمح به قواعد ذلك اللسان، وهذا ما يسمى: ترجمة حرفية.
ثانيهما: أن يلم بمعنى الجملة العربية، ثم يصوغه في جملة من اللغة الأخرى، سواء أساوت ألفاظُ الترجمة ألفاظَ الأصل، أو اختلفتا إيجازاً وإطناباً، وهذا ما يسمى: ترجمة معنوية.
والخلل الذي تشترك فيه الترجمتان -الحرفية والمعنوية-: أن يكون اللفظ ذا معنيين، أو معان تحتملها الآية، فيضطر المترجم إلى أن يضع بدله من اللغة الأجنبية اللفظ الموضوع لما يختاره من المعنيين، أو المعاني؛ حيث لا يجد لفظاً يشاكل اللفظ العربي في احتمال تلك المعاني المتعددة.
ومثال هذا: ما صنع (ماكس هينج) مترجم القرآن للِّسان الألماني، فإنه ترجم الإبِلَ في قوله:{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية: ١٧] باللفظ الموضوع في الألماني للسحاب، وهو أحد المعاني التي حملت عليها الآية،