غير هذا، لما كان قرآناً ولا بياناً، ولا اقتضى إعجازاً".
وقال الحافظ ابن حجر-وهو من فقهاء الشافعية- في "فتح الباري": "إن كان القارئ قادراً على تلاوته باللسان العربي، فلا يجوز له العدول عنه، ولا تجزئ صلاته (أي: بقراءة ترجمته)، وإن كان عاجزاً"، ثم ذكر أن الشارع قد جعل للعاجز عن القراءة بالعربية بدلاً، وهو الذكر.
وقال الشيخ ابن تيمية -وهو من فقهاء الحنابلة- في الرسالة الملقبة بـ: "السبعينية": "وأما الإتيان بلفظ يبين المعنى؛ كبيان لفظ القرآن، فهذا غير ممكن أصلاً، ولهذا كان أئمة الدين: على أنه لا يجوز أن يقرأ بغير العربية، لامع القدرة عليها، ولا مع العجز عنها؛ لأن ذلك يخرجه عن أن يكون هو القرآن المنزَّل".
وخلاصة البحث: أن الخلاف في القراءة في الصلاة بغير العربية يرجع إلى مذهبين:
أولهما: أن ذلك محظور، والصلاة بهذه القراءة غير صحيحة، وهو مذهب الجمهور من أئمة الدين.
وثانيهما: جواز القراءة بالأعجمية عند العجز عن النطق بالعربية، وهو مذهب الإمامين: أبي يوسف، ومحمد بن الحسن، ولا يعد بجانب هذين المذهبين ما يعزى للإمام أبي حنيفة من صحة القراءة بالفارسية، ولو للقادر على العربية؛ لما عرفت من صحة رجوع الإمام عنه، والقول الذي يرجع عنه الإمام لا يعد قولاً في المذهب، وإذا نظرنا إلى أن من الفقهاء الحنفية من حمل ما روي عن الإمام أبي حنيفة على حال العجز عن العربية، لم يبق في المذهب الحنفي سوى قول واحد، وهو تقييد الجواز بحال