قال في "معراج الدراية": "إنما جوّزنا القراءة بترجمة القرآن للعاجز إذا لم يخل بالمعنى؛ لأنه قرآن من وجه باعتبار اشتماله على المعنى، فالإتيان به أولى من الترك مطلقاً، إذ التكليف بحسب الوسع".
وما روي عن الإمام أبي حنيفة من جواز القراءة في الصلاة بترجمة القرآن قد صح رجوعه عنه، حكى هذا الرجوع عبد العزيز في "شرح البزدوي"، قال صاحب "البحر المحيط": "والذين لم يطلعوا على الرجوع من أصحابه قالوا: أراد به عند الضرورة، والعجز عن القرآن، فإن لم يكن كذلك، امتنع، وحكم بزندقة فاعله". وليس الإلحاد ممن قدر أن يقرأ في الصلاة بالعربية، فعدل عنها إلى الأعجمية ببعيد.
أما المالكية والشافعية والحنابلة، فقد منعوا القراءة بترجمة القرآن في الصلاة، سواء أكان المصلي قادراً على العربية، أم عاجزاً، ناظرين إلى أن ترجمة القرآن ليست قرآناً، إذ القرآن هو هذا النظم المعجز الذي وصفه الله تعالى بكونه عربياً، وبالترجمة يزول الإعجاز.
قال القاضي أبو بكر بن العربي -وهو من فقهاء المالكية- في تفسير قوله تعالى:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت: ٤٤]: قال علماؤنا: هذا يبطل قول أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه -: إن ترجمة القرآن بإبدال اللغة العربية منه بالفارسية جائز؛ لأن الله تعالى قال:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} نفى أن يكون للعجمة إليه طريق، فكيف يصرف إلى ما نفى الله عنه؟ ثم قال: "إن التبيان والإعجاز إنما يكون بلغة العرب، فلو قلب إلى