للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن إسرائيل ليست وريثة لحقوق اليهود المزعوم أنهم تضرروا من حكومة هتلر، لذلك لا يجوز أن تعتبر طرفاً في تسوية مع ألمانيا الغربية، على حقوق يهود لم يكونوا يومئذ من رعايا إسرائيل، بل لم تكن حكومة إسرائيل هذه موجودة في الدنيا يوم وقع الاضطهاد المزعوم من ألمانيا على رعاياها اليهود.

وحكومة إسرائيل هذه لا تعترف بحق التعويض في القانون الدولي، ولو كانت تعترف بهذا الحق الموهوم بالنسبة لليهود الألمان الذين كانوا قبل وجودها، لكان ينبغي لها أن تعترف بالحق الأبلج الماثل أمام أعينها وأعين رجال حضارة القرن العشرين للاجئين العرب الذين أخرجوا من ديارهم وبساتينهم وحقولهم، ومتاجرهم ومصانعهم، وقررت الأمم المتحدة التعويض لهم، فهزأت إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة، وألقت بها في سفط المهملات.

إن يهود ألمانيا الموجودين الآن في فلسطين، وتزعم إسرائيل أنها تتقاضى التعويضات من ألمانيا الغربية باسمهم، قد هاجر معظمهم إلى فلسطين قبل اضطهاد هتلر لليهود، وقسم كبير منهم جاء إلى فلسطين بعد انقضاء حكم النازيين في ألمانيا، وقد جاؤوا إلى فلسطين في الحالتين عندما كانت فلسطين آهلة بأصحابها الشرعيين من العرب، فكان مجيئهم الاختياري إلى فلسطين اضطهاداً منهم للعرب، ويغياً عليهم، واغتصاباً لوطنهم، حتى بلغ عدد العرب الفلسطينيين الذين شردوا من وطنهم الشرعي تحت ضغط الصهيونية العالمية أكثر من مليون نسمة نساء ورجالاً، أطفالاً وشيوخاً، فانتزعت منهم ديارهم في غير شفقة ولا رحمة، ولأول مرة في التاريخ يشرد سكان متوطنون في بقعة ما؛ ليحل محلهم أناس غيرهم يزعم أنهم شردوا من بقاع أخرى.