أحدَ بني عامر بن لؤي، وأبا سفيان بن حرب بن أمية، والحارث بن هشام ابن المغيرة المخزومي، وغيرهم من أشراف قريش كانوا بباب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكان في بابه أيضاً بعض الموالي؛ كصهيب، وبلال، وغيرهما ممن شهد بدراً، فخرج إذنُ عمر للموالي، وأخر عنهم أولئك الأشراف، فامتعض بعض هؤلاء، وقال أبو سفيان: لم أر كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد، وتركنا على بابه لا يلتفت إلينا؟!. فقال سهيل بن عمرو -وكان من ذوي أحلامهم-: أيها القوم! إني أرى -والله- الذي في وجوهكم، إن كنتم غضاباً، فعلى أنفسكم فاغضبوا، دعي القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعوا يوم القيامة وتركتم؟!.
هذه هي أخوة الإسلام التي رفعت الضعفاء جزاء مبادرتهم في الاستجابة لدعوة الحق والخير، وساوت بلالاً وصهيباً وأمثالهما بأشراف قريش وساداتها، بل قدمتهم عليهم.
الحق والخير من مبادئ الإنسانية الأولى من الأزل، وسيبقيان جديدين إلى الأبد، وميثاق الحق الخير مدعوٌّ إلى الأخذ به كل إنسان يعرف قدر الإنسانية، والذي يستجيب لدعوته التي نادى بها الإسلام، يضمن بذلك السعادة لنفسه وذويه، والإسلام لا يطلب منه جزاء على ذلك، وأول من ينبغي لهم أن يستجيبوا لدعوة الحق والخير، وإحياء ميثاقهما: هم المسلمون، وسيجدون أنفسهم وبلادهم وأممهم بعد ذلك قد استحالت خلقاً آخر غير الذي كانت فيه.
وتعال نتساءل: ما بالنا -نحن المسلمين- لا نفكر في ذلك؟! وما بالنا لا نحسن إلى أنفسنا بالرجوع إلى مبادئ الإسلام الطيبة، وأساليبه الحكيمة