فتوطن نفسك على أن تكون صادق العزم في إعطاء كل ذي حق حقه بالعدل والإنصاف.
وقد أوصى المسلمين بأن يكونوا أهل الشجاعة في مواقف الدفاع عن الحق، ما داموا يرجون لهذا الحق العزة والاستعلاء، فقال -عَزَّ وَجَلَّ- في سورة النساء:{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: ١٠٤]، فأرشدهم الله إلى أنهم بما يرجون من إقامة الحق، ومعونة الله عليه، ينبغي لهم أن يكونوا أبعد من أعداء الحق عن الوهن والضعف؛ لأن المؤمن الذي يرجو الحق، ويعيش له، ويعد نفسه لإعلانه ونصرته، يجب أن يكون من أبعد الناس عن الوهن في سبيله.
ومن هنا يتبين لنا: أن الشجاعة العسكرية وليدة الشجاعة الأدبية؛ لأن كلا نوعي الشجاعة منبعث عن الولاء للحق، وتوطين النفس على إقامته ونصرته. وإن الرجل الشهم الذي يوطن نفسه على الدفاع عن الحق، ويؤدي الشهادة الصادقة على نحو ما علم، دون أن يهاب ذا جاه أو سطوة، لا يقل عن البطل الصنديد في موقفه بساحة العرب أمام نيران العدو مدافعاً عن حق أمته وملته ووطنه.
واستطرد فضيلته قائلاً:
إن المسلم الذي يعلم أنه لم يكن مسلماً إلا بشهادة الحق:(لا إله إلا الله) يوطن نفسه على ألا يشهد إلا بالحق، ولو على نفسه وعلى والديه، في كل المواقف، متمثلاً دائماً في ذهنه أمر الله -عَزَّ وَجَلَّ- للمسلمين:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣].