للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وارتووا من موارد الخير، فأصبحوا يعرفون بين الأمم بأنهم أمة الحق والخير، وحينئذ يكون منهم الجيش الغالب الظافر الذي يقتحم كل عقبة تحول بينه وبين الحق، ويجتاز كل مخاضة تمنعه من الوصول إلى أهداف الخير.

وكما ينبغي أن يجهز الجيش بالدبابات، والمدافع الضخمة، والطائرات النفاثة، والقنابل الذرية، فإن كل هذه المعدات لا تنفعه إن لم يستمد جنوده وضباطه من أمة تربَّت على الصدق، وآمنت بالحق، ووطنت نفسها على محبة الخير. بل إن تجهيز الأمة بسجية الصدق، وتربيتها على الإيمان بالحق، وعلى الإيمان بالخير، هو الذي ييسر لها الأسلحة من كل نوع، والأنصار من كل أمة، وهو الذي يملأ بالهيبة والحرمة لها قلوب الأمم جميعاً.

وهكذا الأخلاق لا تزال معيار الأمم، وهي مفتاح الأماني المغلقة، وهي السبيل إلى استرداد الحقوق، وتيسير السبل إليها.

إن إعداد شباب الجيل بسجية الصدق، وتربيتهم على الإيمان بالحق، وعلى محبة الخير، عنصر من عناصر الإسلام.

ولقد صرنا الآن إلى عهد قام بالأخلاق، وهو في حاجة إلى الاستعانة بجيل يؤمن بالأخلاق. والمصانع المصرية لتربية الأخلاق هي معاهد العلم التي يتوقف عليها نجاح هذا العهد، ويكون لأمتنا منها الجيش الظافر الذي هي بحاجة إليه في مصيرها القريب، وكل يوم تضيعه معاهدنا العلمية، وتحجم فيه عن البدء في مناهجها الصالحة، يكون خسارة على الأمة، وعلى حقوقها. إن الأمر جد، والوقت أثمن من أن يضيع بغير عمل.