للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللازمة له من طبيعة وكيمياء، وميكانيكا ورياضة، واقتصاد وإحصاء، فرض لازم على المسلمين؛ لأن دينهم أمرهم بأن يكونوا أقوياء، فأصبح ذلك واجباً عليهم، وكل ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب.

ومما ينبغي لنا في هذه الأمور: ألا نقتصر على المحكاة والتقليد، بل الواجب أن نعد الأذكياء من أبنائنا وشبابنا للتقدم فيها، حتى يكونوا من أئمتها المبتكرين، وعلمائها المخترعين، وقد وهبهم الله من الألمعية والذكاء وعظيم الاستعداد ما يساعدهم على ذلك في سنوات قريبة -إن شاء الله-.

هذا هو الجد، وبهذا تتم النهضة، فنأخذ في طريق الفلاح، ونبلغ مقام الإمامة في العلوم، ونتأهل لما وراء ذلك، مما استخلف الله به الإنسانية الكاملة في الأرض.

أما الأمور التي بها قوام كياننا، والعمل بمبادئنا، والرجوع إلى أصولنا، فهذا مما لا يجوز لنا محاكاة غيرنا فيه، بل إن كل أمة تحترم نفسها، وتعتز بكيانها، تترفع عن محاكاة غيرها في أصولها ومبادئها، وإننا لا نزال نذكر ما وقع في إنجلترا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ فإن أعضاء حزب العمال في وزارة (تشرشل) كانوا يطالبون بتجديد الانتخابات النيابية، وكان (تشرشل) يحب أن يتأنى في ذلك، فكتب إلى (مستر أتلي) يقترح أن يستعاض عن تجديد الانتخابات بعمل استفتاء عام، فأجابه (مستر أتلي) بكتاب لا يزال يرن صداه في الآذان حتى اليوم، إذ قال فيه: "إن فكرة الاستفتاء (اختراع أجنبي)، وليس من الخير أن يسمح له بدخول البلاد البريطانية". ولقد كان (مستر أتلي) على حق في هذا؛ لأن كل أمة ذات أصول ومبادئ تتصل بنظامها الخاص بها، وبكيانها الذي تعتز به في تاريخها، لا يجوز لها أن تفرط في أصولها ومبادئها