للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لإظهار دين الله كل خطر، ويلبسون من برود البطولة والعدل وكرم الأخلاق ما يملأ عيون مخالفيهم مهابة وإكباراً، وكانت اللغة العربية تجر رداءها أينما رفعوا رايتهم، وتنتشر في كل واد وطئته أقدامهم، فلم يشعروا في دعواتهم إلى الإسلام بالحاجة إلى نقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية، وربما كان عدم نقلها إلى غير العربية، وهم في تلك العزة والسلطان، من أسباب إقبال غير العرب على معرفة لسان العرب، حتى صارت أوطان أعجمية إلى النطق بالعربية.

ذلك الأمر الذي جعل اللغة العربية تتقلب في البلاد، والقرآن يُدرس باللسان الذي نزل به في كل واد، قد سكنت منذ حين ريحه، وتقطعت أسبابه، غشيت المسلمين فتن، وناموا عن واجب الدعوة إلى سبيل ربهم، فخسروا مظاهر عزِّهم، وفقدوا الوسائل التي كانت تسعد اللغة العربية، فتنطلق بها ألسنة المخالفين، ويدخلون منها إلى الاطلاع على ما في القرآن من بلاغة وحكمة.

أصبحنا أمام أمر واقع، هو: عدم استطاعتنا لنشر اللغة العربية في غير بلاد إسلامية يرأسها مسلم طاهر السريرة، وإبلاغ دعوة الإسلام إلى الشعوب غير الإسلامية فريضة لا تسقط إلا حين يسقط غيرها من الفرائض، فلا بد لنا من ابتغاء الوسيلة إلى القيام بهذه الفريضة، وليس في يدنا اليوم وسيلة إلاَّ نقل معاني القرآن إلى ألسنة من نريد دعوتهم إلى شريعته الغراء.

ومما يدعو اليوم إلى نقل معانيه إلى بعض اللغات الأجنبية على وجه التفسير: أن كئيراً من الأوربيين -ومنهم قُسس- قد ترجموا القرآن إلى لغاتهم تراجم مملوءة بالخطأ، وإنما يُكفى شر هذا الفساد بإراءة أصحاب تلك