هذا ما يأخذ النظر إلى مذهب الإذن في نقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية، وقد صرح بجواز هذا النقل طائفة من كبار أهل العلم.
قال ابن بطَّال:"إن الوحي كله -متلوّاً وغير متلوٍّ- إنما نزل بلسان العرب، ولا يرد على هذا كونه - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الناس كافة، عرباً وعجماً وغيرهم؛ لأن اللسان الذي نزل عليه به الوحي عربي، وهو يبلغه إلى طوائف العرب، وهم يترجمونه لغير العرب بألسنتهم".
وقال الحافظ ابن حجر: دافمن دخل الإسلام، أو أراد الدخول فيه، فقُرِى عليه القرآن، فلم يفهمه، فلا بأس أن يعرَّب له؛ لتعريف أحكامه، أو لتقوم عليه الحجة، فيدخل فيه" (١).
وقال ابن تيمية في "الرسالة السبعينية": "ولكن يجوز ترجمته كما يجوز تفسيره، وإن لم تجز قراءته بألفاظ التفسير، وهي إليه أقرب من ألفاظ الترجمة بلغات أخرى".
وبعض من منعوا ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية صرحوا بما يقتضي جواز تفسيره بها.
قال القفّال من كبار علماء الشافعية: عندي أنه لا يقدر أحد على أن يأتي بالقرآن بالفارسية، قيل له: فإذاً لا يقدر أحد أن يفسر القرآن، قال: ليس كذلك؛ لأن هناك يجوز أن يأتي ببعض مراد الله، ويعجز عن بعضه، أما إذا أراد أن يقرأها بالفارسية، فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد الله.
(١) "الفتح"، باب: ما يجوز من تفسير التوراة وكتب الله بالعربية.