على حقهم، فقد أمر الله أهل الحق بالاستعداد لحمايته بكل ما في طاقتهم، ويأكل ما يصل إليه العقل البشري، والعلم الإنساني من وسائل القوة وفنونها، وأنظمتها وصناعاتها، بحسب ما تقتضيه حاجة العصر، وعلى قدر ما تمس إليه الحاجة.
ويالفعل صار هذا (الاستعداد) من آداب الإسلام، ومن شيمة المسلمين.
لقد كان من نظام الإسلام العسكري في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم -: أن يستعرض النبي بنفسه أبناء المسلمين مرة في كل عام، فمن بلغ منهم الخامسة عشرة، عدّه من الرجال المكلفين بضريبة الدم، وأجازه ليحمل السلاخ تحت إشراف القيادة، وأمره بالاستعداد لإبراز نشاط رجولته، ومن كان دون الخامسة عشرة، ردّه إلى أن يبلغ هذه السن، وكان غلمان المهاجرين والأنصار يتنافسون في هذه الشهادة لهم بأنهم صاروا رجالاً، وأنهم نالوا شرف الانخراط في سلك المجاهدين، ويحزن الغلام منهم أشد الحزن إذا أرجئ إلى سنة أخرى، حتى إن سمرة بن جندب لما ردّه النبي- صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يبلغ الخامسة عشرة، قال له: يا رسول الله أجزت فلاناً، ورددتني، ولو صارعني، لصرعته فتبسم - صلى الله عليه وسلم - وقال له:"صارعه"، قال: فصارعته، فصزعته، فأجازني.
وهكذا كان المسلمون أمة دفاع وكفاح، وجهاد وتحرير، من يوم يبلغون الحلم إلى أن يلقوا الله. فهم في حربهم أمة عسكرية لا يتخلى فيها عن ضريبة الدم أحد من عالم، أو تاجر، أو سري، أو عامل، أو زارع، إلا أن تشغله الدولة في جهاد آخر هو من لوازم الجهاد العام، وفي حالة السلم يتمرنون باستمرار على فنون الحرب واستعمال السلاح.
روى البخاري في "صحيحه" من حديث سلمة بن الأكوع: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -