من عناصره، وممارسة الاستعداد بنية الجهاد عبادة كعبادة الجهاد؛ لأن المجاهد إذا لم يستعد للجهاد بالتمرين، وممارسة استعمال السلاح، لا يقوى على هذه المهمة عند الحاجة إليها.
والمسلمون الأولون كانوا دائماً على قدم الاستعداد لكل طارئ حربي، فلم يستطع عدو أن يفاجئهم بسوء وهم على غرة.
وإن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان مفطوراً على اليقظة للطوارئ، وهو أعظم استعداداً لاستقبالها منهم جميعاً.
روى البخاري ومسلم، وأصحاب السنن، ومؤلفو كتب السيرة النبوية: أن أهل المدينة فزعوا ذات ليلة لصوت استغاثة سمعوه، فانطلق ناس منهم إلى جهة الصوت، فما راعهم إلا أن رأوا النبي- صلى الله عليه وسلم - راجعاً قد سبقهم إلى جهة الصوت، واستبرأ الخبر على فرس عُرْي لأبي طلحة، والسيف في عنقه وهو يقول:"لن تراعوا".
وتنظيم الصفوف عند القتال، وفي التمرين للاستعداد له من أعظم القربات عند الله. والنبي- صلى الله عليه وسلم - كان يقوم به بنفسه، ويندب له خاصة رجاله.
وقد ذكر الإمام أبو منصور الماتريدي وغيره في تفسير آية:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}[آل عمران: ١٢١]: أنها تشريع في تعاهد ولاة الأمر أحوال الجند، وتنظيمهم، ودفع الخلل والضياع عنهم، وأن على الأمة طاعة الأئمة في هذا التنظيم.
وللإمام أبي الوليد الطرطوشي فصل في تفصيل ذلك بحسب نظام الجند في زمانهم، وهو في كتاب "سراج الملوك" وهو يقول: إن على كل أمة إسلامية أن تقوم بالتنظيم العسكري اللائق بزمانها. ونقل قول الحكماء: