أصحابه منذ دهور، وتشريدهم في العراء لإحلال أجانب غرباء في أرضهم وأملاكهم الشرعية، ومثل هذه المؤامرة لا يمكن أن يرضى بالاشتراك فيها إلا الذين يعيشون في فراغ سياسي من الدافع الأعدى، كما يقول المؤرخ (ويلز)، والاستعمار الذي يعيش في هذا الفرغ المخزي لا شك أنه اليوم أضعف مما كان في بداية بغيه قبل مئة سنة.
أما فريسة الاستعمار التي وقعت فيما مضى بين يديه بسبب ضعف حكوماتها المتهافتة، وأخذت تنقه من الضعف الذي جرتها إليها تلك الحكومات، وقد نهض فيها رجال يحسنون التعاون مع شعوبهم، ولا شك أن يقف الجميع معاً أمام الاستعمار الضعيف موقف المؤمن بحقه، الحازم في دفاعه عنه، المصمم على التخلص من هذا العدو الذي أنهكه جشعه.
وإني أقدم لأمتي النصيحة مخلصاً بأن أقوى أسلحتها لمقاومة الاستعمار إنما هو الأخلاق، والدين هو الذي يهدي إلى مكارم الأخلاق، وإذا كان على ولاة الأمور أن يفكروا في توفير أسباب القوة المادية، وتنظيم استعمالها، فإن على كل فرد من أفراد الأمة أن يتسلح بالأخلاق، وأن يتعامل بها مع أفراد أمته، وأن يعلم أن أعظم رسالات الله، وأكملها، إنما جاءت للتعامل بمكارم الأخلاق.