من المأثور عن رسول الرحمة - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يقول لأصحابه -وهم الطبقة الأولى من طلبة العلم في تاريخ الإسلام-: "إنما أنا لكم مثل الوالد لولده".
وإن المدرس في المعاهد الإسلامية ينبغي له أن يستقبل سنته الدراسية المقبلة بهذه الروح العالية، وبهذا الأدب الإسلامي الرحيم، فيكون لطلبته مثل الوالد مع الولد.
روى الذين دونوا ترجمة الإمام الفاتح أسد بن الفرات: أنه لما كان يأخذ العلم عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الإمام أبي حنيفة، كان الإمام محمد بن الحسن إذا رأى تلميذه أسد بن الفرات غلب عليه النوم، وهو يسهر في تلقي العلم عنه، نضح على وجهه رشاشاً من الماء؛ ليجدد له نشاطه؛ شفقة عليه، ورغبة منه في أن ينهض إلى مستوى الإمامة في العلم. ولولا أن محمد ابن الحسن تأدب بأدب الإسلام، وعمل بالمبدأ المحمدي في أن يكون لتلميذه كما يكون الوالد لولده، لانتهز فرصة غلبة النوم على تلميذه، وأرجأ الدرس إلى الليلة الثانية، هذا ما نعلمه من مقام الإمام محمد بن الحسن في الدولة، وكئرة أعماله العلمية، لكنه لما كان يعلم أن من أدب الإسلام أن يكون التلميذ بمنزلة الولد من الوالد، التزم مع أسد بن الفرات هذا الأدب الرحيم، وكان من نتيجته: نبوغ أسد بن الفرات، وقيامه للملة الإسلامية بما لا يقوم بمثله إلا أفذاذ النوابغ من صفوة البشر.
وهذا الشيخ ابن التلمساني، أحد كبار علماء شمال أفريقية سأله السلطان عن مسألة، فقال: إن تلميذي فلاناً يحسن الجواب عنها، فوجه السلطان السؤال إلى تلميذ ابن التلمساني، فأحسن الجواب، فأجازه، وأحسن منزلته، وكان ابن