وإذا كنا نحن -أيها المسلمون- ممن غاب عن تلك الأوامر والإرشادات المحمدية، فقد أبلغنا ذلك الرواة الثقات العدول.
أيها المسلمون!
إن أمل نبيكم فيكم لعظيم، وإنكم أمة مباركة، أولها خير وآخرها، ولذلك قال- صلى الله عليه وسلم - في خطبته التي خطبها في حجة الوداع:"ربَّ مبلغ أوعى من سامع". وها أنتم هؤلاء ممن بلغتهم دعوة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - إلى أن تجددوا أنفسكم في هذا العيد المبارك كما جددتم ثيابكم، فاجعلوا نفوسكم نقية طاهرة، كما جعلتم ثيابكم وبيوتكم طاهرة نقية، كونوا من أمة نبيكم المباركة؛ لتكونوا من أهل الخير كما كان سلفكم الأول من أهل الخير، وكونوا من أهل الوعي لهذا الإرشاد العظيم؛ لتسعدوا به، ولتكونوا ممن قال فيهم - صلوات الله وسلامه عليه -: "رب مبلغ أوعى من سامع".
أيها المسلمون!
إن هذا العيد يفرح فيه المسلمون بما كتب الله لإخوانهم حجاج بيت الله الحرام من تجديد في حياتهم بما خلعوا عنهم من سيئات الماضي وآثامه، وبما عاهدوا الله عليه عندما هتفوا له:"لبيك اللهم لبيك" بأن يكونوا من أهل مرضاته. فهذا العيد هو عيد الفرح بأن هذا الجمع الأعظم من المسلمين الذين حجوا بيت الله الحرام قد طهروا نفوسهم وقلوبهم من درن الآثام، وصاروا من صالحي أمة محمد - عليه الصلاة والسلام -، وإذا كان هذا مما يفرحنا، ونعيِّد لأجله، فلماذا لا نشاركهم في هذا العيد الذي نعقده مع الله -عَزَّ وَجَلَّ- بأن نكون نحن أيضاً من أهل الخير، وأن نتعامل فيما بيننا بما يرضيه، وأن نتعاون على البر والتقوى؟.