عاهدوا ربكم على ذلك، وجددوا حياتكم؛ لتلقوا الله وأنتم من أهل السعادة، وإذا عاد إليكم حجاج بيت الله الحرام، فراقبوهم، وصاحبوهم، وكلما هفا أحد منهم هفوة تخالف ما عاهد الله عليه عندما نادى ربه قائلاً:"لبيك اللهم لبيك"، فذكروه بعهده مع الله، وتعاونوا على ما يرضي الله؛ لتكونوا بعد اليوم أمة صالحة سعيدة، تعيش الحق وللحق، ويما يرضي الحق، جلت عظمته، وعز سلطانه.
أيها الأغنياء من المسلمين!
إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي في هذا العيد المبارك بكبشين سمينين عظيمين، فإذا صلى وخطب الناس، أُتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه، فذبحه، ثم يقول:"اللهم إن هذا عن أمتي جميعاً؛ ممن شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ"، ثم يؤتى بالكبش الآخر، فيذبحه ويقول:"هذا عن محمد وآل محمد"، فيطعمهما جميعاً للمساكين، ويأكل هو وأهله منهما.
فالنبي- صلى الله عليه وسلم - كان يعيش لأمته، ويحمل عن أمته.
فيا من أغناهم الله! اشكروا نعمة الله عليكم؛ بأن تعيشوا أيضاً لأمتكم، وتحملوا عن أمتكم، وإن الزمان قد استدار، وإن أمتكم قد عزمت بحول الله وحسن توفيقه على أن تبدأ حياة جديدة يدعمها كل فرد منا بما يستطيعه من الناحية التي هو فيها، وبالموهبة التي وهبها الله له من مال أو علم أو صناعة، أو غير ذلك من نعم الله عليه.
فكل فرد من أفراد الأمة مدعو إلى بذل ما يستطيعه، وما يتيسر له من تضحية؛ ليتمتع هو الآخر من مجموع تضحيات.