المعاهدات إلى الدس الخفي؛ ليكون حجة في التأويل عند الحاجة إلى ادعاء ما لم يكن واضحاً منه في وقت التدوين. وإذا كانت المعاهدات والعقود الدولية بين قوي وضعيف، أو بين غالب ومن قضت عليه الظروف أن يكون مغلوباً، فقد لا يبالي القوي بأن يحتمل عناء التأويل. وإن الإنسانية لا تنسى في الحربين العالميتين تسمية الأقوياء للمعاهدات؛ بأنها (قصاصات ورق)، ونستطيع أن نضرب الأمثال على هذا النوع من المعاهدات، وفي طليعتها: صك الانتداب على فلسطين الذي تعهد فيه أصحابه تعهداً رسمياً صريحاً بعدم المساس بحقوق العرب، وقد رأيت ما انتهى إليه ذلك الصك من الظلم الصارخ على أصحاب البلاد الذين سلبت منهم أوطانهم وأملاكهم وحقوقهم سلباً، وقذف بهم في العراء تحت الأمطار والعواصف.
* المعاهدة الملغاة:
بل إن معاهدة (سنة ١٩٣٦) التي فرضت على مصر تحت ضغط الاحتلال منصوص فيها على أنه لا يسمح للإنجليز بأن يكون لهم في منطقة القنال إلا عشرة آلاف جندي، وخلافاً لذلك التعهد ضاعفوا عدد تلك القوة إلى ثمانية أضعاف ما تعهدوا به ووقعوا عليه.
* المثل العليا:
واستطرد فضيلته فقال:
إن المعاني الإنسانية العليا، ومدلولات الحق والعدل، هي آخر ما يخطر على البال عند الدول الحديثة عندما يجلسون إلى الموائد الخضراء ليكتبوا صيغ المعاهدات ونصوصها. أما الإسلام فقد كان في نصوصه، وتطبيقها العملي دلائلُ قائمة على أن المعاني الإنسانية لها شأن كبير في العهود التي