الذين يعدون بالألوف، ينبغي لنا أن يكون لنا في حياة شيخنا القدوة الصالحة، وأن تكون لنا فيه الأسوة الحسنة، فيكون أول ما نرتاح إليه هو النضال عن الهدى، ولا يناضل عن الهدى إلا الذي تحرى معرفته، وتتبع ما جل أو دق من علوم أئمته وتراث علمائه، وجعل من نفسه حلقة متواضعة في سلسلته الذهبية التي أولها عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان، وآخرها عند شيخنا الجليل إمام الهدى السيد محمد الخضر حسين بارك الله في جهاده.
إنه أحسن النية لله منذ البداية فاتخذ منها إبرة المغناطيس التي توجه سفينة حياته في سيرها، فما تعارضت دنياه وآخرته إلا اختار ما يبقى له في آخرته على ما هو زائل من بهرج دنياه. ومن عادة الله فيمن يؤثر الآجلة على العاجلة أن يجعله راضياً عن نصيبه في دنياه.
وقد يعلن الله كرامته لأوليائه بمكافأتهم حتى في إعلان مقامهم في الدنيا جزاء إيثارهم ما يرضاه لهم في يوم الدين.
أيها الطلبة الأزهريون، إنكم تستقبلون في أول سنتكم الدراسية المباركة إن شاء الله مناهج لتثقيف عقولكم بعلوم الشريعة التي عليها رسالة دينكم، وما يعين عليها من علوم العربية والسنن الكونية. ثم إنكم تستقبلون في هذا العام ما لا يفترق عن هذا أعني به خلاصته، وثمرته الناضجة، وغايته العليا، وهو الأخلاق المحمدية ممثلة بسجايا أستاذنا الأكبر وسيرته في أكثر من سبعين عاماً، وكفاحه في سبيل حقائق الإسلام وحقوق المسلمين وتستقبلون مع هذا وهذا، عهداً يتحرى الحق والخير، والحق والخير جناحا الإسلام ومادة رسالته.