في سييل نهضتنا الفكرية وإصلاح أوضاعنا الاجتماعية من جهة أخرى - أن نجاهد في إحياء تراثنا، والضاظ على تقاليدنا، وأن نتعهد أركان ماضينا بالدعم والتثبيت، وقد انتدب لهذه الناحية من جهادنا نفر من الراسخين في العلم فولوا وجوههم شطر ثقافتنا العربية الإسلامية، ينشرون صحائف مجدها، ويدفعون ما يوجه من شبه وتهم. وسار جهاد هؤلاء في ناحيتين متكاملتين: أحدهما إبراز سماحة الإسلام والدعوة إلى التمسك بمبادئه وتعاليمه، والثاني التمكين للغتنا الفصحى، والكشف عن ذخائرها، وتقريب بحوث القدماء فيها إلى أذهان المحدثين. وكان من هؤلاء السلفيين عالمنا الأستاذ (الضر حسين) فقد شهدت مجامع (تونس) و (دمشق) و (القاهرة) ألواناً خصبة من ثمار نشاطه، في هاتين الناحيتين. وسجلت لنا كتبه المطبوعة بعض هذه الثمار في صورة محاضرات ألقاها ورسائل نشرها، وفي كل جلاء لبعض خصائص ودراسات عن (حياة اللغة العربية)، وعن (الخيال في الشعر العربي)، وعن (القياس في اللغة العربية)، وعن (نشأة علم البلاغة)، إلى مسامرات ويحوث عن (الحرية في الإسلام) وعن (الدعوة إلى الإصلاح)، وعن (مدارك الشريعة الإسلام وسياستها)، وعن (السيرة النبوية) وعن (علماء الإسلام في الأندلس) إلى غير ذلك من ثمار التصنيف والتحقيق. ومنذ ثلاثين سنة، اتسعت دائرة جهاده وامتدت آثارها إلى مختلف أقطار العروية والإسلام، حين ألف هو وجماعة من المصلحين في القاهرة جمعية للهداية الإسلامية وأنشأوا لها مجلة تنشر دعوتها، وتكون ملتقى لأقلام الباحثين من الشيوخ والشباب. والذي يرجع إلى أعداد هذه المجلة يرى فيها صورة حية لنواحي الثقافة الإسلامية والعربية ومشكلاتها في تلك الفترة، ويلمس القيم التي ظل الأستاذ (الخضر حسين) طول حياته ينافح عنها في نثره وشعره،