يا قصر طارق همي فيك مقصور ... شوقي طليق وخطوي عنك مأسور
إن نام جارك إني ساهر أبداً ... أبكي عليك وباكي العين معذور
عندي من الوجد ما لو فاض من كبدي ... إليك لاحترقت من حولك الدور
وتناول الشعر في ذلك العهد بعض السيدات المهذبات؛ مثل: خديجة بنت أحمد بن كلثوم المعافري. وفي هذا العهد ورد القيران من الأندلس الشاعر المعروف أبو القاسم بن هانئ، واستوطنها، وشأن البلاد التي يستوطنها شاعر عبقري كابن هانئ أن تزداد فيها نهضة الأدب قوة وصفاء.
أما المئة الخامسة، فقد ازدهر فيها الأدب بتونس، وأصبح بمنزلة هي منزلته في أرقى البلاد، وأبهج العصور، ويصح لي أن أقول: إن هذا العصر واسطة عقد العصور الأدبية من جهة الإبداع في الخيال، وإتقان صناعة النظم.
ومن مهيئات هذه النهضة الفائقة: أن المعز بن باديس الذي تولى الملك بالقيروان في طالعة المئة الخامسة كان أديباً بارعاً، ومعنياً بإكرام الشعراء، حتى اجتمع حول قصره -فيما يقصه التاريخ- نحو مئة شاعر يرأسهم أستاذه ووزيره علي بن أبي الرجال.
فلا عجب أن يظهر في ذلك العصر أمثال: الحسن بن رشيق، ومحمد ابن شرف، وإبراهيم الحصري صاحب كتاب "زهر الآداب"، وابن خالته علي الحصري صاحب قصيدة:
ياليل الصبُّ متى غده ... أقيام الساعة موعده
وظهر في المئة السادسة أدباء لهم شعر رائق؛ مثل: عبد العزيز بن أبي الصلت، وعلي بن فضال، ومن شعره الأبيات السائرة: