الخلافة، فولاه قضاء القيروان، وكانت مدينة القيروان عاصمة الإمارة، ومحط رحال طلاب العلم حتى أواخر المئة الخامسة.
ورحل في طلب العلم بعد طبقة عبد الرحمن بن زياد طائفة لقوا مالك بن أنس وغيره من الأئمة، ثم عادوا بما جمعوا من علم؛ مثل: علي بن زياد، وعبد الله بن غانم، وأسد بن الفرات فاتح صقلية.
وكانت المئة الثالثة مستنيرة بأمثال سحنون ومن أخذوا عنه؛ كأبي سعيد البرادعي، وحماس بن مروان الهمذاني.
وأذكر أن يحيى بن عمر رحل إلى العراق، ثم جاء القيروان، وحضر مجلساً كان يعقده حماس هذا للمذاكرة في الفقه، وبعد أن انصرف من المجلس، قال: ما تركت في بغداد من يتكلم في الفقه بمثل ما سمعت اليوم.
ومما قال أبو القاسم الفزاري أحد أدباء القيروان لذلك العهد:
فهل للقيروان وساكنيها ... عديل حين يفتخر الفخور
بلاد حشوها علم وحلم ... وإسلام ومعروف وخير
عراق الشام بغداد وهذي ... عراق الغرب بينهما كثير
بلاد خطها أصحاب بدر ... وتلك اختط ساحتها أمير
وفي ذلك العهد ظهر في تونس الطبيب المعروف بابن الجزار صاحب المؤلفات التي عني بها الأوروبيون، ونلقوها من العربية إلى اللاتينية.
* في القرن الرابع:
ومن أعلام المئة الرابعة: أبو العباس عبد الله بن إسحاق المعروف بالإبياني، وكان من حفاظ مذهب مالك، ويميل إلى مذهب الشافعي، ورد مصر، فقال في حقه ابن شعبان: ما عدا النيل منذ خمسين سنة أعلم منه.